يجب على المتعافى المحافظة على السلوكيات الجديدة و المبادىء الجديدة التى إكتسبها خلال عملية التعافى و العلاج وإلا فالإنتكاس و ارد فى حالة الإرتداد إلى السلوكيات القديمة فى المعايشة اليومية و الأساليب القديمة فى التفكير وإليكم أهم العلامات التحذيرية التى تحذر من إحتمال اكيد و مبكر للإنتكاس.
تسلسل عملية الإرتداد ( الإنتكاسة ) :
1-تراكم الضغوط
الضغوط الإيجابية مثل ضغوط العمل و المناسبات السعيدة مثل الزواج و المشاريع الجديدة و الضغوط السلبية مثل منازعات الازواج او الطلاق أو حالات المرض الشديدة أو وفاة شخص عزيز ، كلها ضغوط تتساوى فى القيمة و فى التأثير على تعافى الشخص المدمن و التى تتطلب منه مجهودا أكبر فى الحفاظ على تعافيه لتفادى الإنتكاس و ذلك عن طريق التخلص المستمر و المبكر من المشاعر أو الذكريات الأليمة التى قد تصاحب هذه الضغوط و التى تكون بدورها مؤثرة بشكل كبير فى نفسية المدمن المتعافى خصوصا بعد إنتهاء تأثير المخدر و تعتبر تراكم الضغوط وعدم المبادرة فى التعامل مع الضغوط أولا بأول عن طريق أدوات التعافى و أنشطة التعافى تمثل خطرا كبيرا على تعافيه ، وننصح مع كل ضغط جديد سواء كان إيجابى أو سلبى أن يتقظ المتعافى و يبادر بمضاعفة طلبه للمساعدة من مجموعاته العلاجية للمساندة و تخطى هذه الضغوط بشكل آمن ( الدعاء – المشاركة – مواظبة على حضور الإجتماعات العلاجية – الرجوع المستمر للموجه )

2-المبالغة العاطفية
من العلامات التحذيرية المخيفة هو أن ترى المدمن المتعافى يعود للأسلوب القديم فى مواجهة الضغوط و المشاكل بأن يستغرق فى المشاعر السلبية مثل الإحباط و الشعور باليأس أو الحزن الشديد فى مواجهة تلك المشاكل أو الضغوط ، ففى حالة الشفقة على الذات و الإحباط و اليأس يكون المتعافى فريسة سهلة للإنتكاس فعليك أخى المتعافى أو من يهمه أمره أن ينتبه جيدا لهذا الأسلوب القديم فى التفكير فإنه يعد خطوة من خطوات الإرتداد للتعاطى .
3-الإنكار يبدا عمله
وهنا تبدأ الخطورة الفعلية و الحقيقية التى يصعب على المتعافى رؤيتها ويبدأ دور من حوله ليأخذوا بيده للعبور من النفق المظلم الذى يمر به نتيجة قضاء فترة طويلة دون الرجوع من تسلسل الإنتكاس ، فهذه الخطوة هى الخطوة الثالثه و قد سبقتها مرحلتان لم يقف عنده المتعافى لينقذ الموقف فقد إستفحل المرض و إنتشر فى معظم أسلوب تفكيره و سلوكياته اليومية لمدة ما حتى يصل إلى هذه المرحلة الخطيرة ( مرحلة الإنكار ) .
ماهو الانكار :
والإنكار هو عملية فكرية لا واعية خادعة يقوم بها العقل اللاواعى بهدف فصل المدمن عن واقعه الحقيقى و تغييم الرؤية له حتى يتفادى الشعور بالألم الناتج عن الواقع ، والواقع المؤلم أنه قد بدأ ينحدر و يتدهور و يرجع للوراء و يسلك طريق الفشل و الإنتكاس و العودة إلى الأسلوب القديم مرة أخرى ، و أهم علامات الإنكار هى أنها حالة دفاع مستمر من المدمن بأن يقول لا يوجد مشاكل على الإطلاق أو المشكلة بسيطة ليست بالحجم الذى ترونه أو أنا مازلت استطيع السيطرة و سأقوم بالحل فى الوقت المناسب و لكنها أوهامه فهو فقط من يرى ذلك أملا منه أن تكون هذه هى الحقيقة و لكن جميع المحيطين به يرون الحقيقة الكاملة ، أنه بالفعل قد بدأ فقدان السيطرة مرة أخرى على إدارة حياته .

4-الإخفاق فى الحصول على العون و المساعدة
بما أن الإنكار قد بدأ عمله فى عقل المدمن و بالتالى هو لا يرى الحجم الحقيقى للمشكلة فبناءا عليه فالمدمن لا يبادر ببذل المجهود الكافى للحصول على المساعدة ، حيث أنه يرى أنه لا توجد مشكلة و أنه يستطيع السيطرة أو حتى يرى أنه هناك مشكلة بالفعل و لكن ليست بالحجم الذى يستوجب اللجوء لطلب المساعدة ، وبما أن المشاعر السلبية الناتجه عن تراكم الضغوط و المبالغه العاطفية التى أهملت نتيجة الإنكار للمشكلة قد تراكمت عليه حيث سببت له الإرتباك و الضيق و القلق و الشعور باليأس و الفشل ،وهذا يجعله يخفق فى حضور الإجتماعات و كبريائه يمنعه عن الحديث عن ذاته بأمانة فقد إهتزت صورته الذاتيه عن نفسه و أصبح لا يريد أن يراها الآخرين و المحيطين و لا حتى يراها هو .

5-الكذب الصغير
عندما نلاحظ على أنفسنا كمدمنين متعافيين أو يلاحظ علينا الآخرون أننا بدأنا أن نمارس سلوك الكذب مرة أخرى أو المراوغة أو إختلاق الأعذار فى تقصير فى مهامنا الأساسية اليومية او تبرير الإصراف و عدم الإدارة للأموال أو للوقت فهنا تنير لمبة حمراء و تحذر بقوة من إرتداد السلوك القديم المصاحب للإدمان النشط الذى يؤدى إلى الإرتداد إلى تعاطى المخدر مرة أخرى ما لم يكن المدمن قادرا على وقف السير فى هذا الطريق فهنا نحتاج لمزيد من الصدق و الأمانة مع أنفسنا للمساعدة فى الشفاء من الإدمان و تفادى الإنتكاسة .
6-العزلة الزائدة
يبدأ المدمن فى تجنب الناس أكثر فأكثر نتيجة لعدم القدرة على صدقه و أمانته و عدم القدرة على المصارحة بحقيقة حياته التى شابها بعض السلوكيات القديمة و خوفا من أن ينكشف أمره فعليه تتزايد عزلته و يبدأ فى التفكير فى الإتصال بشخص قديم له علاقة بإدمانه وذلك بحجة السؤال عليه أو نقل الرسالة له و لا يستطيع البوح بهذه الحقيقة أو بحقيقة أفكاره فيضرب عليها سورا يحميها و يصبح تواجده و سط المحيطين به تواجد جسدى فقط يسيطر عليه معظم الأوقات الشرود و السرحان و لا يبوح بما يدور فى عقله .

7-إزدياد المشكلات سوءا
بالتأكيد أنه من الطبيعى فى ظل هذا التدهور الروحانى و السلوكى وبناءا على عودة الطريقة القديمة فى التفكير و المبالغة فى المشاعر و الإنكار الذى يصاحبه فإن مشكلات المدمن تبدأ فى التفاقم و مهاجمته و يصبح محاطا بكم أكبر من مشاكل أكثر خطورة و بالتالى فإن قدرته على التعامل مع المشكلات تكون أقل بكثير ، فننتقل إلى النقطة التاليه .

8-عودة الياس و خيبة الامل
نتيجة طبيعية لكل ما سبق فإننا ننتقل إلى هذه العلامة و هو شعور المدمن فى معظم حالاته بيأس و خيبة الأمل و الفشل و شعوره بعجزه عن فعل أى شىء إزاء الموقف الذى قد وصل إليه ، حيث التدهور و تراكم المشكلات و البعد عن فريقه العلاجه ، و هنا يزداد الإشفاق على الذات و حينها تتوارد الأفكار عن الأوقات السعيدة أثناء التعاطى و يتذكر الراحة الزائفة أثناء الحلول السحرية عن طريق الهروب بتعاطى المخدر .

9-تخريب الذات
عند هذه النقطة يجد المدمن نفسه غارقا فى مواقف عالية الخطورة نتيجة لكل ما سبق فهو تراوده أفكار التعاطى بإستمرار من حين لآخر و لكنه بسبب العزلة و الإخفاق فى طلب المساعده فقد عاد ليقاوم الأفكار بنفسه منفردا و يحاول الصمود أمام إشتياقاته للمخدر ، فهنا يلجأ لاستبدال المخدر الرئيسى بمغير آخر بمغيرات الحالة النفسية مقنعا نفسه أن ذلك المغير لا يسبب له أى مشكلة من مشكلات المغير القديم كأن يستبدل مخدره بمخدر آخر أو بعادة أخرى إدمانية مثل الألعاب الرهانية أو المقامرة أو التطرف فى أى سلوك إدمانى أو الاستبدال بأى سلوك إدمانى آخر مثل العمل أو الجنس ، و عندما تخرج حياة المدمن عن السيطرة و التحكم تتزايد عزلته و يتزايد إغترابه عن منظومة إسناده و مساعدته .
10-التعاطى
إن فى الحقيقة إستبدال المدمن لمغير الحالة النفسية الرئيسى إلى مغير آخر فإنه بذلك يقوى و ينشط الرغبات الملحة فى العودة إلى تعاطى مخدره الأصلى فيصبح عاجزا تماما أمام الرغبات و الأفكار التى تراوده و يبدأ فى تعاطى المخدر ، وهو يقول لنفسه هذه المرة فقط و لن أحتاج إلى تكرارها و هنا تبدأ سلسلة الإرتداد فى تعاطى المخدر .
11- رد الفعل الإنهزامى
بمجرد العودة إلى التعاطى يبدأ على الفور عمل المشاعر السلبية مثل الشعور بالفشل و العار و الخزى و اليأس و الإحباط وهذه المشاعر تعزز من الإرتداد إلى تعاطى المخدر أكثر فأكثر .

12-الإرتداد الكامل
عندما يستشعر المدمن الفشل الزريع تبدأ رغبات التعاطى الملحة تستبد به مرارا و تكرارا حيث لا تقاوم و يصف مدن متعافى سبق له الإنتكاس بأنه بمجرد أن حصل على الجرعة الأولى فإنه فقد السيطرة تماما على باقى الجرعات حيث أنه قد فتح الباب أمام الوحش الإدمانى القديم ولم يستطع وقف ذلك الإرتداد للتعاطى و إنتهت العملية باليأس عندما أدرك أنه عاد من جديد .
الحل :
عندما نكتشف عند أى مرحلة من الإثنى عشر من المرحلة فبمقدورنا اللجوء إلى فريق المساعدة الخاص به و إخباره بكل تفاصيل الأحداث حتى نتقى و نفادى المدمن فقد تعافيه و الإرتداد الكامل و لكن إذا قد تم بالفعل عملية الإرتداد الكامل فحينها لا يوجد مشكلة إذا لجنا الى الفريق العلاجى و منظومة المساندة الخاصة بالمدمن المتعافى و إتبعنا تعليماتهم فى تكرار بعض خطوات البداية فى التعافى من جديد وذلك أفضل من أن ندفن رؤسنا فى الرمال و أن نظل ندور حول الحل فى محاولة لإقناع أنفسنا انه يمكن إيجاد حلول اخرى مثل نقل السكن أو السفر و تزويجه أو إلحاقه بعمل تجنبا لحل العودة من جديد ، فنحن ننصح بأن لا تطيل الاسرة الأمد على أنفسها و على المريض فلابد لهم من اللجوء للفريق الطبى المتخصص و إتباع كامل إرشاداته للخروج من هذه الكبوة .